الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية وسط انقسام حول قرار منعه: هل بات النقاب سلاح الدواعش؟

نشر في  30 مارس 2016  (11:08)

تجدّد طرح مسألة منع النقاب في الأماكن العامة ليطفو على سطح الساحة خاصة بعد أن تقدمت كتلة الحرة ـ التابعة لحركة مشروع تونس ـ في البرلمان بمشروع قانون يحجّر لبس النقاب وإخفاء الوجه لدواعي أمنية تصب في مصلحة البلاد والعباد.
وقد أثار تجديد هذا الطرح جدلا كبيرا داخل الأوساط السياسية المساند بعضها لهذا المشروع معتبرين إياه ضرورة إستراتيجية وجب تطبيقها عاجلا في خضم الحرب الحقيقية على الإرهاب التي تعيشها تونس منذ مدة وقد ثبت استغلال العديد من الإرهابيين لهذا الزي «الدخيل» حتى يتمكنوا من التمويه وارتكاب جرائمهم، فيما اعتبر أخرون أن تطبيق مشروع قانون منع النقاب سيكون مخالفا للفصل 21 من الدستور والذي ينص على أن الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة.

وحول ما جاء في مشروع القانون نشير إلى أن الفصل الأول من القانون ينص على منع الظهور في الفضاءات العمومية في زي يخفي الوجه، وينص أيضا على معاقبة كل من يخالف بالحبس لمدة خمسة عشر يوما، وبتشديد العقاب في حال تكرار المخالفة.
كما يعاقب القانون، حسب الفصل الرابع من المشروع، «كل من يحمل غيره من الأشخاص على ارتداء زي يخفي وجهه بواسطة التهديد أو العنف، بالسجن لمدة عام وبغرامة قدرها عشرة آلاف دينار.
ووفق مشروع هذا القانون، فالفضاءات العمومية تشمل «الفضاءات المفتوحة للعموم والأماكن التي يكون النفاذ إليها حرّا ولو بشروط، والمؤسسات والمحال التجارية والصناعية والمؤسسات البنكية والموانئ ومحطات النقل البري ووسائل النقل العمومي والأماكن المخصصة لإدارة مرفق عمومي حتى وإن كانت مؤسسة خاصة».
ولا وجود لاستثناءات في هذا المشروع إلّا إذا «كانت هناك أسباب صحية أو دواع مهنية أو مناخية، أو كان إخفاء الوجه من مستلزمات ممارسة أنشطة رياضية أو إقامة احتفالات أو تظاهرات فنية أو تقليدية».

وزير التربية يرفع الورقة الحمراء في وجه النقاب ومن يرتديه

جدّد وزير التربية ناجي جلّول في حديث خصّ به أخبار الجمهورية تأكيده حظر ارتداء النقاب داخل المؤسسات التربوية سواء تجاه الإطار التربوي أو التلمذي وكذلك تجاه من يرغب من الأولياء في دخول المدارس أو المعاهد التربوية.
وشدّد ناجي جلّول على أنّ وزارة التربية ستتخّذ إجراءات ردعية صارمة تجاه كل من يخالف هذا القرار، وتتمثّل هذه الإجراءات وفق ما أفادنا به الوزير في الطرد النهائي من العمل بالنسبة لموظفي الوزارة وتحجير الدخول إلى المدارس والمعاهد بالنسبة لمن من أولياء التلاميذ يرتدي هذا الزي.
وفي سياق متصّل أكّد ناجي جلّول أنّ وزارة التربية عازمة على تطبيق كل الإجراءات والقوانين التي من شأنها أن تحفظ النظام العام وتلزم به وتربيّ الناشئة على احترامها..

الأستاذ قيس سعيد: مسألة سياسية بامتياز

في ذات السياق اعتبر أستاذ القانون الدستوري والمحلل السياسي قيس سعيّد من ناحية أن القضّية في جوهرها وحقيقتها قضية سياسية بامتياز، حيث أن القصد فيها ليس رفع النقاب وإنما إثارة مثل هذا الجدل حول هذه المسألة بين من يقف معه ومن يعارضه.
وقال في هذا السياق متسائلا هل أن الهدف الحقيقي من طرح قضية منع النقاب خاصة وانّ عدد المنقبات في تونس لا يتجاوز بعض العشرات، هل هو هدف وطني أم من أجل صرف الأنظار عن القضايا الحقيقية واكتساب مشروعية عن طريق حظر النقاب أو عن طريق رفض حظره على حدّ تعبيره.
كما أعرب سعيد عن أسفه الشديد لتركيز الاهتمام على مسائل لا تهم النسبة الأكبر من التونسيين بل تهم عددا قليلا منهم. ومن ناحية أخرى قال أستاذ القانون الدستوري: «لو أنّ النية اتجهت بالفعل إلى وجود حلّ لهذه المسألة لكان ذلك في إطار سير بعض المرافق العمومية للدولة، ومن بينها المرفق العمومي للأمن أو الصحة أو التعليم وذلك عبر التثبت في هوية مرتدي النقاب الوافدين على هذه المرافق المذكورة».
وأشار سعيد إلى انّ البعض قد وجد في التجربة الفرنسية أنموذجا معتبرا في المقابل انّه حتى في هذه الدولة لم يكن الهدف من سن القانون المتعلق بمنع النقاب في الأماكن العامة، الحفاظ على الأمن ولكن كان مغازلة لليمين بفرنسا ومحاولة لاكتساب أصوات جزء من الناخبين الفرنسيين عن طريق هذا القانون.
وأكد في ختام مداخلته انّ تونس ومجتمعها محصّنان بتاريخ تونس وبموقعها الجغرافي ولا أحد يمكن أن يغيّر لا من هذا التاريخ ولا من هذا الموقع على الخارطة سواء بحكم في الدستور أو بقانون من القوانين، معتبرا انّه لا جدوى من نصوص على هذا النحو والتي لن تزيد من الأوضاع إلا تأزما ولن تؤدي في النهاية الاّ إلى الحصول على بعض الأصوات..

الباحث باسل ترجمان: 3 نقاط أساسية تدعم فرض منع النقاب

بدوره اعتبر الباحث والخبير في الجماعات الإرهابية باسل ترجمان أنّ الحديث عن هذا الموضوع يتطلب طرح ثلاث نقاط أساسية.
 النقطة الأولى أمنية تتعلق بما يشكله هذا اللباس من خطر على أمن البلاد خاصة أنه سمح للعديد من الإرهابيين بالتخفي وتسهيل تنفيذ مهامهم الإجرامية والهروب من المراقبة الأمنية جراء استخدامه، وبالتالي فإنّ فرض كشف الوجه لا يوجد فيه أيّ مخالفة للدستور أو لمبدأ الحرية الشخصية.
 أمّا النقطة الثانية فقد اعتبر ترجمان أنّ هذا اللباس لا علاقة له بالدين الإسلامي أو النصوص القرآنية قائلا انه مجرّد لباس طائفي ظهر مع تنامي مخاطر الفكر الوهابي المتطرف في تونس والمنطقة العربية وهو عاكس لهوية سياسية وليس هوية دينية.
 وفي ما يخصّ النقطة الثالثة، قال محدّثنا أن ارتداء النقاب مخالف للنمط الحضاري والاجتماعي والفكري للمجتمع التونسي المسلم الذي لم يشهد عبر تاريخه مثل هذه الأشكال الغريبة والدخيلة عليه والتي لا تتناسب مع القيم الإسلامية والتقاليد الاجتماعية المتجذّرة في تونس منذ مئات السنين.
وخلص إلى انّ طرح هذا الموضوع وكأنه مساس بالحريات الشخصية هو محاولة بعض الأطراف اللعب والتناغم مع هذه المجموعات المنبوذة والمتطرفة كسبا لودها، وركوبا على الأحداث بدلا من الوقوف صفا واحدا ضدّ الإرهاب.
وشدّد على ضرورة أن تتخّذ الأطراف السياسية المسؤولة في تونس موقفا واضحا وصريحا من هذا الزي الذي لا يمثل الإسلام في شيء، وأن تكون رؤية هذا الموضوع من خلال مخاطره الأمنية ومن خلال علاقته بالمجتمع التونسي وثقافته وانتمائه الإسلامي العميق والمتجذّر .  

لكي لا ننسى...

ومن جهتنا نورد هذا التذكير ببعض المحطّات التي أثبتت تورّط العديد من العناصر ـ الرجالية والنسائية ـ في أعمال إرهابية خطيرة بالبلاد مستغلين النقاب كغطاء لتسهيل تنقلاتهم وتنفيذ مخططاتهم ولعلّ من أبرز هذه الأحداث نذكر:
ـ فرار الإرهابي أبوعياض في فترة حكم الترويكا من جامع الفتح وهو يرتدي النقاب
ـ حادثة وادي الليل/ شباو بتاريخ 23 أكتوبر 2014 والتي تورطت فيها إحدى الإرهابيات المنقبات بعد تنقلها من قبلي إلى منزل بوادي الليل واطلاقها النار على أحد الشهداء الأمنيين محتمية برضيعها أثناء المواجهات.
ـ مجموعة رمادة التي توجّهت نحو ليبيا من بينهن امرأة حامل منقبة
ـ القبض مؤخرا على 5 إرهابيين في الكاف من بينهم منقبة يجري البحث عنها منذ أكثر من ستة أشهر
ـ مجموعة من الإيقافات بالمنستير شملت إحدى المنقبات
ـ إرهابي تونسي الجنسية «منقب» لا يتجاوز عمره 17 سنة تم ضبطه من قبل السلطات الليبية حيث كان ينوي المبيت في أحد المساجد لتنفيذ خطة ارهابية.
ـ محاولة اختطاف رضيعة من قبل عنصر رجالي يرتدي النقاب بالمنستير.
ـ أكد وزير الداخلية  السابق لطفي بن جدو في تصريح اعلامي، تعمّد عدد من المطلوبين للعدالة التنكر بارتداء النقاب..

ملف من إعداد: منارة تليجاني